2008/02/03

جدار غزة

سقط جدار غزةقطاع غزة… شريط ضيق على البحر المتوسط يسكنه مليون ونصف فلسطيني بتنويعاتهم المختلفة. بعضهم يعيشون على تحويلات مالية من فتح، وبعضهم يتقاضون رواتب غير منتظمة من حماس. أقلية أخرى تبحث عن الرزق في الصيد، والبناء، والحياكة،.. قَطعَ الحصار بنقص الخامات وعطش الأسمنت رزقها.   قامت اسرائيل بعزل قطاع غزة عن العالم عن طريق محاصرة البحر المتوسط ببوارج قنص الصيادين. وعلى الأرض أقامت جدار عازل يبدأ ارتفاعه من خمسة أمتار ويصل الى سبعة في بعض المناطق. فتحات الجدار “الرسمية” خمسة، تسمى المعابر: ايريز – الحصين المذل– في الشمال مع اسرائيل، ورفح –المغلق– في الجنوب مع مصر. شرقا ثلاثة معابر مغلقة دوما مع اسرائيل: المنطار (كارني)، صوفا، كرم أبو سالم (كيرم شالوم). ولكن القطاع استمر في العيش والتنفس عبر الفتحات “غير الرسمية”. ومنها الأنفاق، والثغرات التي يتم احداثها في الجدار قسرا بين حين وحين. 

كان هذا هو الوضع حتى الساعة الثانية صباح يوم الأربعاء 23 يناير 2008 حين انفجرت عبوة بحجم 20 كجم من مادة تي.ان.تي. المتفجرة تم الصاقها بالجدار الحديدي على ارتفاع 2 متر في المنطقة الحدودية الغربية بين مصر وغزة. وبانطلاق المفجر، تهاوى المارد الحديدي “كالدومينو” على حد وصف أحد ضباط حرس الحدود المصريون، لمسافة تصل الى 150 مترا. وبين الساعة الثانية والساعة الخامسة الا ربع صباحا توالت عدة انفجارات أركعت المارد الحديدي وأخرجت شعب غزة الى الحياة – لعدة أيام.

بيد أن المارد الحديدي الذي تمعنت اسرائيل في مطابقته للمواصفات – بصناعة مصرية من حلوان– لم يتهاوى بين ليلة وضحاها. لقد قام بعملية كسر عزلة غزة ثمانية من خيرة كوادر كتائب القسام بعد شهور من التخطيط والاعداد والتنفيذ. استشهد منهم اثنان قبل خروج العملية الى النور. واحتفل الباقون، مع شعب غزة، بالنصر.

  وصلت الى الحدود مساء ذات اليوم الذي تهاوت فيه. وظللت هناك لعدة أيام أتنقل في مساحة ممتدة بين مدن رفح (بشقيها)، والعريش، وغزة، وخان يونس، والشيخ زويد. وبما أن شارع صلاح الدين يبدأ في رفح (المصرية) وينتهي في قلب مدينة غزة، فالحدود المنبسطة بدت – بصريا – امتداد طبيعي تماما. وأينما ذهبت، وجدت أسرة مصرية نزحت من فلسطين، أو أسرة فلسطينية ذات صلة نسب وقرابة مع مصر. وربما يفسر ذلك عجز السلطات المصرية عن السيطرة على تواجد الفلسطينيون بشمال سيناء بمجرد منع ايجار غرف الفنادق والشاليهات. فالغالبية الساحقة ممن عبروا فوق الجدار المنهار كان لهم أقارب وأصدقاء فتحوا لهم ولأصدقائهم منازلهم وغرف الضيوف وساحات المنازل.  

في زيارات سابقة للشريط الحدودي كنت أرقب طائرات ورقية شبت من وراء الجدار وأتخيل كفوف صغيرة تمسك بخيوطها وعيون ترقب الطائرات بحسد فيم باتت تحلم بمدد الشوف. وفي هذه المرة وقفت طويلا أرقب تلامس أهل غزة وخاصة أطفالها مع الجدار المسجي على جانبه. المعدن الأحمر المتعرج، أو “زنكو” كما يطلقون عليه هنا، سقط الى الخارج كغلاف ورقة شيكولاتة فاخرة تخفي ثمين لديها. ولكن رغم انهيار المارد ظلت له رهبة في قلوب الفلسطينيون. قلائل من الأطفال اقتربوا منه للعب. قلائل من الأطفال جلسوا فوق ما تبقى منه يرقبون المشهد من أعلى. ولم يجرؤ أحد على الاشتباك معه ليرسم حلما أو يخط شعارا. ظللت لعدة أيام ألملم الكلمات المبعثرة، أتتبع المصادر، وشهود العيان كي أصل الى قصة الجدار، جدار غزة. حتى كان لي هذا اللقاء مع أحد قياديي كتائب القسام في المنطقة الجنوبية بمدينة رفح. التقيته، بعد عناء، في منزله قرب الحدود. جلس “أبو البراء”، وهو اسم حركي، في غرفة معيشة منزله يراقب ابنه أحمد ذو الثلاثة سنوات يلهو بتسلق طاولة صغيرة واعادة القفز من فوقها. قال “أسميته أحمد على اسم الشيخ أحمد ياسين”. ثم أجلسه على ركبتيه قائلا “أنت مع فتح ولا حماس؟” ولكن أحمد ذو العيون الواسعة والوجه المستدير هز رأسه من أقصى اليمين الى أقصى اليسار معترضا، ربما على محدودية الاختيارات. 

ما هي قصة الجدار؟ ولماذا قمتم بازالته؟ 

أبو البراء، قيادي بكتائب القسامهناك عدة أسباب دفعت حركة حماس لازالة الجدار. أولها أنه بعد الحسم العسكري مع حركة فتح في 14/6/2007 أصبحت حماس مسئولة عن قطاع غزة مسئولية كاملة. مسئولة عن تأمين القطاع، وعن كل قطرة دم من كل الفصائل. وفي حالة تعرض المنطقة لأي اجتياح اسرائيلي سيتخذ الاحتلال من المنطقة الحدودية مسرح عمليات. وبالفعل كانت هناك تهديدات اسرائيلية باعادة احتلال الحدود بحجة تهريب الأسلحة وادعاءات بتقصير الجانب المصري في ضبط الأسلحة. وطبعا الحدود تشكل مكان استراتيجي للدبابات الاسرائيلية. لأن قذائفنا لن تصل للدبابات الاسرائيلية المحمية خلف الجدار. فكان هناك مطالبة لحركة حماس  من قبل الفصائل الفلسطينية بازالة الجدار العازل بصفتها مسئولة عن تأمين القطاع.  

السبب الثاني أن الجدار مقام على أراض فلسطينية. منذ انتفاضة 2001 تم هدم منازل فلسطينية لاقامة هذا الجدار. لان المسافة بين الحدود المصرية والاسرائيلية (غزة ابان الاحتلال) كانت لا تتجاوز 10 أمتار. ولكن في انتفاضة 2001 قام الاسرائيليون بزيادة هذه المسافة الى 70 مترا بهدم عدد من المنازل الواقعة على الحدود بهدف اقامة الجدار. السبب الثالث أن الجدار يشكل جدار فصل عنصري.. يعزل فلسطين عن جميع الأطر العربية الموجودة ويحول قطاع غزة الى سجن كبير.. وبالتالي فرض السيطرة الاسرائيلية على قطاع غزة بأي سياسيات أو استراتيجيات يرتأيها الجانب الاسرائيلي. 

كيف قمتم بازالته؟  في البداية عجزت حماس عن التصرف مع الجدار الحديدي. لقد كان حصينا جدا. استخدمنا متفجرات لكن الحديد كان قويا جدا. عبوة 100 كجم متفجرات كانت تفتح 2 أو 3 متر فقط. وبالطبع لم يكن هذا كافيا لازالة الجدار بشكل كامل. فكان رأي وحدة الهندسة في كتائب القسام أن تقوم بقص الحديد من أسفل عن طريق الأوكسجين.  

وفي يوم 15/7/2007 وفرت كتائب القسام العناصر اللازمة للقيام بهذه المهمة. واستغرقت عملية القص من أسفل ل1.5 كم من الجدار الحديدي شهرين كاملين. قام بتنفيذ العملية ثمانية شباب جميعهم من كتائب القسام. كانوا مقسمين على مجموعتين كل مجموعة من 4 شباب يتبادلون العمل ليلا ونهارا بدون انقطاع.  ولم يكن ممكنا غير ذلك والا كانت العملية ستأخذ وقتا أطول بكثير. نفس المجموعة قامت بكل العمل من البداية للنهاية. ولكن اثنان منهما استشهدوا خلال شهر ديسمبر ولم يقدر لهما رؤية الجدار يتهاوى. أحدهم استشهد في قصف اسرائيلي والآخر استشهد في حادث أثناء انشاؤه للوصلات، وهي مهمة جهادية خاصة. كان رأي وحدة الهندسة أنه عندما نضع المتفجرات بعد قص الحديد سيتشكل ضغط على الحديد، بالاضافة الى وزن الجدار، وسيدفعه كل ذلك الى الوقوع جهة الخارج. وكانت عملية ناجحة جدا. ثبت صحة رؤية وحدة الهندسة وحساباتها. بعد القص، أصبحت عبوة 20 كجم من ال تي.ان.تي. المتفجرة توقع ب200 متر من الجدار. 

عندما قمنا بقص الجدار تركنا كل عشرون مترا مسافة 2 متر لا تقص حتى يظل الحديد متماسكا. انتهى القص بنهاية شهر نوفمبر 2007. كنا ننتظر الوقت المناسب لازالة الجدار وجاء الحصار دافع أساسي لتنفيذ المهمة. 

وكيف لم يلحظ أحد عملكم رغم استمراره لفترة طويلة؟  

كان العمل يتم بطريقة سرية جدا. كانت هناك أسئلة من الجانب المصري ولكن الشباب لم يعطوهم اجابة مباشرة. كنا نقول أننا نبحث عن شيء ما، أو أننا نقوم بأعمال صيانة. ولكن لم نعطي اجابة محددة. كانوا يرون أن شيئا ما يحدث. وسألوا بعض الشباب وكنا نقول أنه ليس لدينا تعليمات بالرد.  كان أغلب العمل يتم في النهار من الجانب الفلسطيني للحدود، وفي الليل من الجانب المصري. 

ضابط حرس حدود مصري قال لي أن العمل لاسقاط الجدار كان مستمرا لعدة شهور، وهو ما يؤكد كلامك. ولكن بماذا تفسر صمت الجانب المصري طوال فترة العمل؟   

المصريون يعرفون كل كبيرة وصغيرة في قطاع غزة. وأعتقد انهم كانوا يعرفون وتصنعوا عدم المعرفة. أو ربما كانت لديهم فكرة أن حماس بامكانياتها الضعيفة لن تستطيع تفجير هذا الجدار الهائل، ولكنها تقوم باحداث ثغرات فيه. 

 وأنت ماذا كان دورك بالتحديد؟

كان دوري الرئيسي التغطية على الشباب. أن أمنع احتكاك أي طرف بهم. ممنوع أن يسأل أحد عنهم أو عن طبيعة عملهم. كنت أتواجد معهم لفترات محددة أثناء العمل. كل يومين كنت أمر عليهم أشوف احتياجاتهم وألبي طلباتهم. ووقت اتمام العملية كنت حلقة الوصل بينهم وبين قيادة كتائب القسام. 

 ما الذي حدث يوم سقوط الجدار؟

جائت تعليمات يوم الاثنين 21 يناير بأن يتم التفجير عصر الثلاثاء 22 يناير. ثم جائت معلومات أخرى عن مسيرة نسائية لمعبر رفح وبالتالي جائت تعليمات بالتوقف حتى لا يتعرض أحد من المواطنون للأذى. توقفنا وظللنا في انتظار أوامر جديدة.  وفي منتصف ليل يوم الثلاثاء 22 يناير جائت تعليمات بأن التفجير سيبدأ الثانية صباح يوم الأربعاء 23 يناير. وكان هذا وقتا كافيا. فكل شيء كان جاهزا من اليوم السابق.  

كيف أتتك التعليمات؟

تلقيت التعليمات عن طريق جهاز اللاسلكي بشفرة معينة بالطبع. التفجير كان مسئولية وحدة الهندسة وأنا كنت حلقة الوصل بين وحدة الهندسة وقيادة كتائب القسام. كنت في الشارع حين تلقيت الاشارة. وفورا اتصلت بوحدة الهندسة مستخدما شفرة أخرى عن طريق جهاز يسمى السناو. وهو دائرة مغلقة بين 4 أو  5 أفراد أستخدمه للاتصال بوحدة الهندسة. فهي وحدة كوادرها نادرة وعددها قليل. ممنوع أي شخص يتعرف عليهم. ظللت بعدها بالشارع.. أخبرت أهل البيوت المجاورة أن يفتحوا الشبابيك ويوقظوا الأطفال.   في البداية قمنا بعمل تفجير وهمي الساعة 1:30 صباحا. وفهم المصريون الاشارة وقاموا بالانسحاب عن طول خط الحدود تماما. 

ماذا تقصد بالاشارة؟

في المرات السابقة حينما أحدثنا ثغرات بالجدار كان هناك دائما تفجير وهمي يسبق التفجير الحقيقي بوقت قليل حتى يبتعد من يتصادف وجوده بالمكان ولا يصاب بأذى. في ذلك الوقت،  كنت متواجد على بعد 200 متر من الحدود من ناحية بوابة صلاح الدين. بعد التفجير الوهمي أدرك الناس أن حماس ستقوم بتفجيرالجدار. في الثانية صباح الأربعاء قمنا بأول تفجير حقيقي أسقط 150 مترا من الجدار. تلا ذلك عدة انفجارات كان آخرها في الخامسة الا ربع. بين الساعة الثانية والساعة الخامسة الا ربع صباحا حدثت 7 انفجارات حقيقية. 

عندما قمنا بقص الجدار كنا قد تركنا كل عشرون مترا مسافة 2 متر لا تقص حتى يظل الحديد متماسكا. كنا نضع  المتفجرات في المسافة التي لم تقص. أول تفجير كان في بداية الحدود في المنطقة الغربية. وهي بداية الجدار الحديدي من ناحية البحر. أول عبوة أسقطت حوالي 150 مترا. ثم في آخر نقطة لم تتهاوى وضعنا عبوة أخرى وقمنا بتفجيرها، وهكذا. ثاني عبوة أسقطت 200 متر وكان هذا هو المتوسط حتى كان آخر تفجير فأسقط 400 متر. كان من الصعب تقنيا تفجيرهم كلهم مرة واحدة. فقمنا بالتفجيرات تدريجيا. وضعنا العبوات من ناحية الحدود الفلسطينة وحددنا أن  قوة الضغط ستوقعه باتجاه ممر فيلادلفيا الحدودي. الناس كانت مبسوطة والآلاف بدءوا يتوافدوا على الحدود. بحلول الساعة الخامسة فجرا كان هناك 10 آلاف شخص في شوارع مدينة رفح. 

ماذا كانت توقعاتكم لرد الفعل المصري؟ 

توقعت، شخصيا، عدة سيناريوهات. أولا تعليمات صارمة للأمن المصري بمنع دخول أي فلسطيني بسبب ارتباطات مصر الدولية ومنع فتح الحدود لافشال حماس في غزة. 

السيناريو الثاني، عدم قدرة الجنود على منع التدفق البشري وبالتالي سيلجئون الى تيسير تدفق الناس للتزود باحتياجاتهم. وأعتقد أن المصريين كانوا يعرفون مسبقا وتصنعوا عدم المعرفة. أقول ذلك لأني كنت متواجد على الحدود أثناء عملية التفجير. بعد آخر تفجير كنت أقوم بتفقد الحدود للتأكد من عدم وقوع اصابات عن طريق الخطأ. فجائت دورية مصرية. قلت لهم “لقد انتهينا من التفجيرات ويمكنكم اعادة الانتشار بأمان”. بعد التفجير مباشرة لم يقم أي مواطن بعبور الحدود. حتى جاء ضابط مصري، أعتقد برتبة مقدم، وقال “من أراد أن يدخل فليدخل ولكن ممنوع أي حد يتعرض للنقطة بتاعتنا”. وقال أن لديه تعليمات بعدم التصدي للمواطنين الفلسطينيين. 

الساعة السادسة صباحا بدأت الناس في التدفق عبر الحدود المصرية بعد أن أوقعت السلك الشائك بارتفاع متر ونصف وهو مثبت على الحدود المصرية فوق حائط أسمنت مسلح بارتفاع متر. ما بين الخامسة الا ربع (آخر تفجير) والسادسة صباحا كان الفلسطينيون يقفون مترددين خشية أن تكون هناك تفجيرات أخرى. وكانت هناك عناصر أمن مركزي مصري داخل رفح ولكن أمام التدفق أتتهم تعليمات بعدم التعرض.  ماذا فعلت بعد ذلك؟

تحول دورنا الى ضبط الحدود وضبط المخدرات والسلاح. كان لنا عناصر أمن موجودة في رفح المصرية لمراقبة تجارة السلاح والمخدرات. يراقبون من يبدو متخبطا أو مرتبكا. كان هدفنا احداث 3 فتحات فقط في الناحية المصرية حتى نستطيع السيطرة على الدخول والخروج من الحدود. ولكن مع تطور الاحداث وحدوث اشتباكات تم فتح أكثر من ثغرة. الجرافات فتحت 4 ثغرات في منطقة صلاح الدين وحدها لتشتيت الأمن المصري. الجانب المصري حاول منع الناس، وحاول عمل اغلاق تدريجي. بينما خطتنا أن تظل الحدود مفتوحة حتى فتح معبر رفح أو حتى تحدث تعهدات دولية بفتح المعبر وتزويد القطاع باحتياجاته بشكل مستمر. اتخاذ الجانب المصري لقرار الاغلاق جاء خارج الخطة.  حدثت اشتباكات وأطلقوا الكلاب على الناس وصار هناك خطر على النساء والأطفال. فقام الشباب باطلاق النار على الكلاب. جندي مصري حاول حماية الكلاب لأنها عهدة فأصيب بطلق ناري في ساقه. الجنديان الآخران أصيبا برصاص مرتد بعد أن أطلق الشباب الرصاص على الأرض. 

كيف عرفت عن الاصابات؟ هل شاهدتها بنفسك؟

سمعت عن طريق لاسلكي القسام رسالة تقول “على جميع العناصر المسلحة الموجودة على الحدود عدم التعرض للجنود المصريين. هناك ثلاثة جنود أصيبوا عن طريق الخطأ وليس بشكل متعمد”. وبعدها عرفت التفاصيل.

 ولكن السلطات المصرية أعلنت اصابة عدد أكبر من ذلك!

باقي الجنود أصيبوا جراء القاء الحجارة. 

وكيف تسيطرون على الوضع الآن في ظل الحدود المفتوحة؟

الوضع أصبح صعب جدا بعد فتح الحدود. أصبحت السيطرة أصعب والمجهود زاد. الشاب الذي كان يداوم يوما ويقعد يوما صار يداوم كل يوم. في البداية كان يلزمنا 750 عنصر لتأمين الحدود. الآن يداوم 1500 بعد فتح الحدود. 

هناك من يقولون انه تم استغلال الحدود المفتوحة لمرور عناصر القاعدة!

مصر ليست مسرحا للقاعدة من أطراف خارجية. فأعضاء القاعدة في مصر هم مصريون. وحماس لن تسمح بوجود عناصر للقاعدة داخل غزة لأنه سيفشل أمن حماس في غزة. 

وما هو الوضع على الحدود الآن؟

هناك 3500 عنصر أمن مصري الآن على الحدود وصعب جدا على هذا العدد التصدي لأكثر من مليون شخص في غزة. ففي اليوم الأول وحده عبر الحدود 500 ألف شخص. 

وكيف تزعمون أنكم تستطيعون السيطرة على الحدود في هذه الحالة؟

حماس أعدت خطة لاغلاق الحدود في 4 ساعات. أذا تم الاتفاق على فتح معبر رفح، حماس لن تسمح للمواطنين الفلسطينيين بالدخول للجانب المصري. حماس لديها جيش قوامه 12 ألف مجند. والناس هنا بشكل عام يهابون مجندي حماس. وهذا لا يتوفر للجنود المصريون. 

لماذا؟

أولا، الجندي المصري على الحدود كاره العمل على الحدود. وهو لم يأتي هنا طوعا. ثانيا، نقص العتاد.. كانت مفاجأة شخصية بالنسبة لي أن المصريون معهم فقط بنادق بخمس طلقات. في حين أنه من المفترض أنه حتى فترة قريبة كانت تلك حدودهم مع اسرائيل وليس مع فلسطين. ثالثا، أن الجندي المصري من داخله متعاطف مع الشعب الفلسطيني. 

 كيف كان شعوركم بعد اتمام عملية اسقاط الجدار؟

كنا مبسوطين جدا. والأجر من عند الله.. سلمنا على بعض وأخدنا بعضنا بالأحضان وكنا نقول الله أكبر. والناس حولنا كانوا يفعلون نفس الشيء.  

ما هو مصير الجدار الآن؟

الحديد سيتم ازالته من المنطقة سواء للبيع أو للاستخدام في أشياء أخرى وستقرر ذلك وحدة الصيانة. هناك شركات مصرية عرضت علينا شراؤه ولكن لم نقرر بعد. بعض أجزاء الجدار مكتوب عليها “صنع في مصر”.  الجانب الاسرائيلي حكى أنه تم استيراده من شركة مصرية ولكنه لم يأت تماما كما أرادوا ولذلك تم استكمال عزل غزة عن العالم بجدار أسمنتي على باقي الحدود.

 كم عمرك ومتى وكيف انضممت لحركة حماس؟

عمري 29 عاما.. أنا مع حماس منذ 1995 حبا في الجهاد.. كنا نصلي في المسجد وكانوا يرقبون من يحافظ على الصلاة ثم يتعاملون معه بالمحبة. بعدها يبدئون العمل الدعوي، ثم التجنيد للقسام اذا توافرت فيه معايير منها قوة البنيان، والجرأة، والاخلاص.. يبدأ بعدها التدريب العسكري.. وهذا ما حدث معي. 

السبت 26 يناير 2008

مدينة رفح، قطاع غزة

13 Comments »

  1. […] Nora Younis met with one of the Palestinian resistance heroes, who led the operation to bring down Mubarak’s Berlin Wall, which seperates Gaza from Egypt… Bless your hands Abul Baraa…! […]

    Pingback by Abul Baraa أبو البراء at 3arabawy — 2008/02/04 @ 7:03

  2. […] حوار أعترف أضاف لي الكثير خصوصاً بعدما عرفت ان تفجير الجدار لم يكن صدفة ولا وليد اللحظة […]

    Pingback by علي أبوطالب » حوار مع قائد حمساوي — 2008/02/04 @ 9:10

  3. اتبتت عمليه كسر معبر رفح القصورالواضح لامن مصرفى اتفاقيه كامب ديفبد فليس من المعقول ان 750 جندى فى المنظقه ج كافيين لحمايه حدود مصر من العريش حتى ايلات.نحن نطالب الحكومه المصريه بتحسين شروط كامب ديفيد فتحن لا نقبل بتجويع الشعب الفلسطينى الشقيق وتكنى ايضا كمصرى لا اقبل بخرق وانتهاك الامن القومى المصرى من قبل (منظمه حماس).كنت اتمنى ان تتفرغ حماس تتمقاومه فقط ولا تنزلق لدهاليز السباسه المهتكه

    Comment by حمدى قناوى — 2008/02/06 @ 0:56

  4. حوار اكثر من مميز اضافف لي الكثير مما كان يغيب عني

    مجهود تشكري عليه جداً وحوار مميز جداً جداً جداً

    Comment by محمود الششتاوي — 2008/02/06 @ 2:54

  5. يعني الحكاية مش حصار بقى؟ الجدار الحدودي يتم ازالته من يوليو اللي فات يعني قبل الحصار بسبع شهور؟؟؟؟؟ مع كامل الاحترام للفضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الا ان حل قضية فلسطين لا يكون بتسريب الفلسطينيين خارج ارضهم وانما بالتمسك بالارض والبقاء فيها والدفاع عنها حتى آخر نقطة دم. المأساة الكبرى في قضية فلسطين أن الشعب الفلسطيني تربى على ان على الآخرين أن يحرروا له أرضه بينما معظم الشباب الفلسطيني اما هاجر واتخذ جنسية أخرى أو يبحث عن ذلك الا من رحم ربي.. الجزائريون حرروا بلدهم بالبقاء فيها والاستشهاد من أجلها ومن يساعدهم يشكر ومن لا يساعد لايتعرض لابتزاز.. ولم يتركوا أرضهم.. الأوطان ياسادة لايحررها سوى سواعد ابنائها الصامدين فيها.. كان الآجدى أن يعملوا على تفجير الجدار العازل والدخول الى ارضه المحتلة حتى لو استشهد ثلاث ارباعهم.. وقتها كانوا سيستطيعون اسماع العالم كله أصواتهم كمقاومين حقيقيين يستشهدون من اجل حقهم.. أما التوسع في سينا فمعناه أن على غزة السلام وعلى سيناء أيضا.. وكما ترون فمن عبروا الحدود ليسوا مئات الآلاف من الجوعى وانما من عناصر القسام والموالون لهم ومعظمهم من تجار غزة الذين هجموا على السلع في مصر يشترونها بدولارات مزورة ثم يعيدون بيعها للغلابة الحقيقيين في غزة بأعلى الأسعار، ولم يجن تجار العريش ورفح الا خسارة بضاعتهم واحتمالات تعرضهم للسجن بسبب الدولارات المزورة

    Comment by إكرام يوسف — 2008/02/06 @ 9:15

  6. أستاذة اكرام.. الجدار المعدني ليس هو خط الحدود المصرية.. بل يبعد عنها حوالي مائة متر داخل الأراض الفلسطينية.. بالتأكيد اسقاطه أثناء الحصار يشجع على عبور الحدود.. ولكن اسقاطه في حد ذاته ليس تعد على أحد..

    أود التوضيح أنه خلال أحد عشر يوما في غزة وعلى الحدود لم أقابل أي فلسطيني يريد ترك دياره والهجرة الى سيناء أو مصر.. ما يريده الجميع بما فيهم أعضاء فتح هو اعادة فتح معبر رفح والسماح للقطاع بالتزود باحتياجاته.. وما يريده الغالبية هو أن تمد مصر القطاع بالوقود والغاز والكهرباء.. لم أجد من يريد الجنسية المصرية أو “التوسع في سيناء” كما تقولين حضرتك..

    أما المزايدة على “الصمود” الفلسطيني و”آخر قطرة دم” و”استشهاد ثلاثة أرباعهم” فليس لي ترف التعليق عليه

    كل احترام
    نورا

    Comment by Nora — 2008/02/06 @ 14:35

  7. مجهود تشكري عليه… واضح ان خطة الدعاية المصرية المضادة تسجل نجاحا بدليل انتشار مقولة انهم يعتدون علي سيادتنا ,انهم يهددون امننا القومي ,انهم يريدون الأستيلاء علي جزء من سيناء وهكذا

    Comment by tarek momen — 2008/02/06 @ 22:05

  8. إلى العزيزة إكرام

    لم أفهم ما الذي تقصدينه بأن المسألة إذن ليست متعلقة بالحصار. الحوار الذي أجرته ونشرته نورا يؤكد أن النية كانت مبيتة لإسقاط الجدار وأن سقوطه لم يحدث مصادفة، نعم. ولكنه لا ينفي على الإطلاق، بل إنه يؤكد أن العملية هدفها فك الحصار.

    إن لم تكن المسألة أو “الحكاية” هي فك الحصار فما الذي يجبر، إذن، ثمانية، من الواضح، أنهم من خيرة الشباب على العمل جهارا نهارا لشهور. هل تعتقدين أن هؤلاء الشباب طمحوا في بناء مستقبلهم في مصر، والـتأسيس لحياة جديدة لا علاقة لها بأراضيهم، هذا مع العلم بأن اثنان منهم لقوا حتفهم ما قبل 23 يناير على يد ترسانة العدو الاسرائيلي. لا أقصد هنا الإبتزاز لكن سياسة الإبادة الجماعية التي يتبعها الكيان الصهيوني تجعلني أطرح سؤالا: أليس من الوارد أن يكون أبو البراء اليوم في عداد الأموات وإن لم يكن فهل من المعقول أن نتصور أن من هم بين صفوف كتائب القسام هم من يسعون إلى جنسية أخرى ويريدون من غيرهم حل مشكلاتهم.

    العزيزة إكرام الحصار مستمر منذ سنتين، منذ انتخب شعب الانتفاضة حماس المقاومة. أما حصار غزة بمعنى وقف توريد الأغذية والأدوية وغلق المعابر فهو مستمر منذ يونيو 2007، تاريخ استيلاء حماس على السلطة في غزة، أي أن العملية بدأت بعد الحصار، وبالتالي جاءت مقاومة له.

    تحياتي

    Comment by Baho — 2008/02/09 @ 2:27

  9. […] للمصريين الحدود الآمنة والمعابر […]

    Pingback by Nora Younis » مبروك — 2008/02/11 @ 14:12

  10. […] building another wall on the borders with Gaza… I’m not worried, though, I’m sure Abul Baraa and his chaps will bring it down again […]

    Pingback by Palestinian resistance retaliates for massacres; Fatah fighters resume operations at 3arabawy — 2008/03/06 @ 23:55

  11. […] للمصريين الحدود الآمنة والمعابر […]

    Pingback by Weblog title » Blog Archive » مبروك — 2008/04/26 @ 23:45

  12. شيعة العراق العرب يثورون على الاحتلال الإيراني

    http://www.aljazeera.net/NR/exeres/41236687-33E7-4507-883C-EF259B110165.htm

    Comment by Ali — 2008/06/15 @ 15:20

  13. […] على اجهزة الموبايل المخترقة اصلا. توصلت لذلك حين قابلت ابو البراء في غزة في يناير الماضي. ولم انشر كل ما عرفته حينها. فقد بدا لي اني امام اسهاب […]

    Pingback by Nora Younis » غزة.. عن الصمود، والشارع، والاعلام — 2008/12/28 @ 21:04

تلقيمة التعليقات على هذه التدوينة

علِّق على التدوينة




Write to me راسلني