2006/11/05

شارع من شوارع مصر

صباح أمس، يوم هاديء ودافيء في شارع السودان بمنطقة المهندسين، حي شمال الجيزة.. أوقف الصبي حصانه على جانب الطريق لكي يسد جوعه ببعض البرسيم ويريحه عناء جر العربة الخشبية طيلة النهار.. العربة والحصان ملك للمعلم.. يقوم الحصان كل يوم بجر العربة المحملة بالبضائع مقابل البرسيم والتبن.. ويقوم الصبي بقيادة العربة والحصان وتسليم البضائع مقابل بعض الجنيهات.. كان كلاهما قد بدأعمله في الصباح الباكر فوقفوا على جانب شارع السودان في استراحة لالتقاط الأنفاسHopeless to reach any setllement in absence of street support, the boy decides to force the injured horse to pull the carriage back to owner.

فجأة يقطع المشهد الهاديء صفير فرملة اطارات سيارة على الأسفلت الساخن يعقبه صوت صدام وصهيل وزجاج يتناثر.. سيارة نصف نقل تحمل لوحات حكومية تصدم الحصان في وجهه فينكسر الزجاج الأمامي ويقفز الحصان لأعلى ثم يتقهقر خطوات للخلف مصطدما بالعربه الخشبية التي يجرها فتنكسر وتخور قواه فتنهار قدماه الخلفيتين تحته بينما يظل مادا ذراعيه.. يلتقط أنفاسه ثم يتحامل على نفسه واقفا.. أمام الزجاج المتناثر والعربة المكسورة ودماء الحصان ينهار الصبي تماما متخيلا وجه المعلم

يقفز من السيارة سائقها الملتحي ماسكا برقبة الصبي صائحا في وجهه.. أقفز بدوري الى سيارتي ألتقط الكاميرا وأدير زر التشغيل وأتوجه الى الحصان.. كنت قد قررت التقاط مجموعة من الصور عن حقوق الحيوان والأشجار في مصر ولهذا السبب بالذات لا تفارقني الكاميرا أبدا.. أفضل أشجار مصر يتم ذبحها سنويا بطرق بشعة من أجل فحم الشيشة ولا يخلو الأمر من اكراميات ورشاوي لمسئولي الأحياء.. أما الجياد، والحمير، والقطط، والكلاب فتمارس ضدها يوميا أنواع بشعة من التعذيب في الشوارع علنا بقدر من التلذذ والتباهي بجذوة السلطة في الهاب اجسادهم بالسياط والأحجار والعصي وتقييد رقابهم بالحبال الخشنة

يتحول السائق الثائر من الصبي اليَ صائحا “بتصوري ايه؟ امشي من هنا أحسن أكسرلك الكاميرا” .. وما هي الا لحظات حتى عبر الطريق وأمسك بذراعي دافعا بي الى الخلف مكررا تهديده – امشي من هنا أحسنلك والا هاكسرلك الكاميرا.. تراجعت خطوات وقلت له بصوت هاديء أنا صحفية وليس من حقك أن تتعدى عليَ أو تنمعني من التصوير.. ازداد صياحه أكثر وعلا صوته قائلا وأنا محامي وانتي مش من حقك تصوري في الشارع بدون تصريح

كنت أعرف تماما أنه يحاول مداراة موقفه الضعيف فليست هناك أية قيود قانونية على التصوير في الشوارع العامة لأي شخص وليس فقط الصحافيين.. المدهش هو أن دائرة المارة التي أحاطتني لم تتحرك، The boy trying desperately to negotiate any compensation with the lawyer while people watch and support the unfair strong over the weak.ولم يتدخل أحد لا ليقول أن الرجل مخطيء أو ليخلصني من يديه.. احتمى الرجل بلحيته من جهة وبصوته العالي مدعيا انه محامي من جهة أخرى، وكان ذلك كافيا لاسكات الجميع بينما احتميت أنا بالمنطق وبما أعرفه من القانون.. لم يرهبني امساكه بكتفي ودفعه لي فقد شهدت مواقف أكثر عنفا وأشد خطرا في مظاهرات عدة.. ولكنه بدأ بشد الكاميرا من بين يدي في اللحظة التي وجدت فيها ميكروباص يقف بجانبي وشخص ما يشدني داخله

أدركت أن سائق الميكروباص أراد أن ينقذني من الأفوكاتو البلطجي ولكني قاومته هو أيضا فتقديري اللحظي للموقف كان اختطافا.. رآني حينها صديقي محمد واشتبك هو مع المحامي فاستطعت الافلات من الدائرة الضيقة وعبرت الشارع لاستكمل التقاط الصور من داخل بناية قريبة

طبعا هتتفضحيه على البلوج بتاعك! قالها محمد وضحك كلانا لتخفيف التوتر.. شكرته وراجعنا ما حدث وأطلقنا بعض التعليقات الساخرة وأكملت يومي بشكل طبيعي جدا.. لست مفزوعة من الموقف على الاطلاق فقد واجهت ما هو أسوأ بكثير في أحداث التحرش بالمتظاهرات يوم الاستفتاء وعنف الدولة ضد المؤيدين لاستقلال القضاء وهذا مجرد مثال.. ولكن ليس هذا هو الطبيعي! ليس من الطبيعي أن تواجه كل امرأة فرق البلطجية وحشود الأمن المركزي حتى تستطيع التعامل مع الشارع المصري وما يحدث به

من المؤكد أن الشارع قد تغير تماما..  وان هناك حلقات متفاوتة من القهر والسلطة والاستسلام تشكل ديناميكية جديدة لم تكن موجودة في شوارعنا من قبل.. فالدائرة الصامته من الرجال التي أحاطتني بالأمس لم يكن أحد ليتخيل أنها أصلا موجودة.. والموقف هنا مختلف عن زحام وظلام تحرشات وسط البلد

Injured horseجفف الصبي دموعه، وبرغم جراح الحصان ونزيف أجزاء متفرقة من جسده، ثبت الصبي اللجام فوق الجروح، وشد العربة المكسورة الى جسده وأجبره أن يجرها عائدا الى حيث المعلم

هناك فراغ يكبر داخل البشر وداخل مصر

 

مزيد من صور الحادث هنا 

6 Comments »

  1. للأسف المواطن المصرى بقى بيخاف من خيالة
    بيخاف يتكلم مع حد بيعلى صوتة لانة عارف انة أكيد مسنود وإلا مكانش يعلى صوتة على الناس، وبيخاف أنة يتكلم مع حد قوى لانة أحتمال يكون بلطجى ومسلح والعمر مش بعزقة زى مابنقول، وبيخاف من اى واحد ملتحى لانة أحتمال يكون من الاخوان المسلمين المتطرفين ويحصل مدبحة والواحد يلاقى نفسة فجأة لية ملف فى أمن دولة وممنوع من السفر وكل يوم يتشد على أمن الدولة وتحقيقات وخلافة، وبيخاف من أى حد راكب عربية حكومة أو عربية بنمرة سودة ونسر أو عربية نضيفة لانها أكيد بتاعة ظابط أو وكيل نيابة ودول تسليتهم الوحيدة فرض قوتهم على الناس لتعويض عقدة النقص اللى أتعرضولها وهما مواطنين عاديين مش مواطنين سوبر وكمان برتبة عسكرى……….
    خسارة يامصر كان نفسى أكون شجاع وأقول كلمتى بدون خوف بس للأسف العمر مش بعزقة والجبن بقى طبع المصريين الغلابا اللى عايزين يعشوا ويعيشوا ولادهم، ويظهر أن أحنا هنفضل ماشيين جنب الحيطة بس للاسف الحيطة قربت تقع على دماغنا وأحنا مش حاسين………

    Comment by Ramy Naieem — 2006/11/06 @ 9:19

  2. “الحيطة قربت تقع على دماغنا”
    كلام بيوجع يا رامي

    Comment by Nora — 2006/11/06 @ 12:11

  3. “كنت أعرف تماما أنه يحاول مداراة موقفه الضعيف فليست هناك أية قيود قانونية على التصوير في الشوارع العامة لأي شخص وليس فقط الصحافيين”

    في وقت قصير بلغني من 3 مدونين معروفين أنت آخرهم كلام متفاوت عن حق التصوير.

    الأول كان كلامه أن من حق أي شخص تصوير أي شيء طالما كان ذلك في مكان عام (بالمناسبة ما تعريف “مكان عام”؟)وطالما لم تكن هناك لافتة “ممنوع الاقتراب والتصوير” الشهيرة – وهذه فهمتهما بشكل عام.

    الثاني قال بشكل واضح أنه لابد من تصريح وهو يعرف ذلك وأنهم يستخدمون هذا القانون عند اللزوم.

    سرت من شهرين مع صحفي حر كان يصور الأسواق الشعبية، في شارع عبد العزيز أجبره الباعة مرة على مسح كل الصور، وفي الثانية رفضوا أن يصور. المشكلة أنه كان يستأذنهم كل مرة بعد ذلك. الكل كان يلاحقه بأسئلة عمن يكون ويوجهون له نظرات مهددة.

    هلا تفضل أحد بتوضيح هذه المسألة والإشاراة لما يتعلق من مواد القانون أو حالات وقعت؟

    Comment by Hamuksha — 2006/11/06 @ 13:45

  4. 3amar ya masr

    Comment by sarah hamdi — 2006/11/07 @ 0:54

  5. It is a pity we became so negative and do not want to interfere to protect someone. In your case you , a woman.

    7aga te7zen…masr betet3’ayar

    Ya rab ihdy el masreyeen …ameen

    Comment by fadfadation — 2006/11/08 @ 17:58

  6. ألمثلة العربية في الموروث الثقافي تعلم يا لأسفي
    الخنوع والذل
    بوس الكلب على تمه حتى تاخذ حاجتك منه
    الحيط الحيط ويا رب الستر
    حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس
    اللي بتجوز امي بقول له يا عمي
    وكثير وكثير وكثير
    يمكن سرد الكثير من الامثلة العربية التي اصبحت جزء من الموروث
    الثقافي الاجتماعي البالي
    الذي يدعم استمرار سلطة المتسلطين والمنتفعين
    وقاهري الشعوب
    ان كانوا حكاما عربا
    او محتلين غرباء
    مصر كانت وستكون
    احترامي واطيب امنياتي من فلسطين
    alemnafsy@gmail.com

    Comment by alemnafsy — 2006/11/08 @ 22:07

تلقيمة التعليقات على هذه التدوينة

علِّق على التدوينة




Write to me راسلني