من زراط الى أزرط
البلد دي رايحة من زراط الى أزرط.. مفيش حاجة عدلة هتورد علينا أبدا..
قالها شاويش من قسم شرطة قصر النيل وهو يلملم ملابسه الميري بعد أن بعثرها مواطن سبه، وسب السيدة والدة وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي، ثم ركب سيارته الرينو ٦٧٠٧٧ م القاهرة ومضى مسرعا باتجاه ميدان التحرير.
القصة ليست جديدة أبدا.. فالمشهد تكرر في حياتي عدة مرات في شوارع القاهرة.. سيارة ملاكي تصدم مواطن غلبان فيقفز السائق مغلظا صوته هديد ووعيد (أنت مش عارف أنا مين؟) والضحية ملقى على الأرض يرتج صوت الارتطام في أذنيه، يبيض وجهه من الصدمة، يحاول تحديد اصاباته، وهل يجب عليه أن يمسك بخناق من صدمه أم يستعطفه ليظفر بمبلغ العلاج وقرشين يعينوه على أيام قادمة بغير عمل.
الضحية ماجد، سائق موتسيكل دليفري كوك دور قبل مدفع الأفطار بدقائق قليلة في أواخر أيام رمضان. وبشارع قصر النيل يقرر سائق الدايو ٤٤٤٠٧٢ م القاهرة قطع الشارع مسرعا من أقصى اليمين لأقصى اليسار محاولا دخول جراج الشرق للتأمين. وبرغم خلو شوارع القاهرة تماما تصطدم الدايو بموتسيكل ماجد الذي يزحف على الأرض بضعة أمتار محدثا صريرا عاليا وناحتا مساره على الأسفلت.
المشهد، ماجد ملقى علي الأرض بجوار سندوتشات الدجاج وزجاجة خروب وموتسيكل تفككت أجزاؤه. سائق الدايو يصرخ – مش هادفعلك مليم واحد. الاسعاف، ورقمها لمن لا يعرف ١٢٣، ترد برسالة مسجلة عن عقوبة البلاغات الكاذبة، ثم تستفيض في أخذ بياناتي، وأخيرا تصل بعد ٣٠ دقيقة رغم خلو الشوارع تماما. يتصل صديقي خالد بالشرطة التي لا تأتي أبدا. فضباط قسم قصر النيل مشغولون بملئ بطونهم.
تصل الاسعاف مع الرينو التي يستقلها اثنان من الفحول استدعاهم سائق الدايو بالموبايل. يتناوبون جميعهم على ماجد. سائق الاسعاف يصر أن كل مهمته هي نقل ماجد للمستشفى وأنه أبدا لا يستطيع انتظار الشرطة المشغولة بملئ بطونها. سائقي الدايو والرينو يتوعدون ماجد بأنه – مش هياخد حق ولا باطل وأحسن له يبطل مسكنه وأعلى ما في خيله يركبه. ثم يتوعدون شهود العيان وأنا منهم.
وأخيرا يصل الشاويش سائرا على قدميه، يحمل بيمناه جهاز لاسلكي ويعدل البيريه بيسراه التي خلت من أي سلاح قائلا في مشهد هزلي – اتفضلوا معايا ع القسم ناخد أقوالكم. انقض عليه سائق الرينو ممسكا بملابسه سابا أبيه وأمه وأم الوزير بتاعه – مين ياله اللي يتفضل ع القسم؟ لو الوزير بتاعك ابن ال…عايزني يبقي يجيني. نمرة العربية عندك أهيه يا روح أمك ابقى بروزها.
يتجه خالد الى قهوة الممر ويتصل بحاتم البيباني رئيس مباحث قسم قصر النيل الذي غطى حائط المقهى بملصقات تحمل رقمه. خلاصة المكالمة – ماتكبرش الموضوع. تختفي الدايو باتجاه التحرير وتتبعها الرينو. يستقل ماجد سيارة الاسعاف ملهيا باصاباته ومقررا عدم تحرير محضر.
القصة ليست جديدة أبدا ولكن الجديد هذه المرة هو الشاويش.. فالرجل الذي هو الحلقة الأضعف والأكثر ميلا لقبول قرشين مقابل طرمخة الموضوع كان أعلى قامة من ماجد، ومن حاتم البيباني، ومن وزير الداخلية. فالشاويش الذي أجهض من أي محتوى، وقف كمن خرج من فيلم قديم مرددا عبارات دولة القانون. غير عابيء بضعفه متجاهلا الهديد والوعيد، رغم انه في الحقيقة لا شيء يحميه خاصة وان ثبتت صلة الجاني التي ادعاها بمأمور القسم.
لملم الشاويش ملابسه الميري وهو يصيح – البلد دي رايحة من زراط الى أزرط.. عارفة ليه؟ عشان كلهم بيدوروا ع الفلوس.. محدش بيدور على حقه.
…
بعد أيام يمر خالد بكوك دور ويرى ماجد بقدم مصاب.
– عملت محضر في المستشفي؟
– لأ، عدوا على المحل ودفعوا قرشين
معاه حق
إذا كان الراجل سب أم الوزير
يبقى تتوقعي إيه
Comment by مهندس مصري — 2008/10/05 @ 19:57
Sorry for that .. Sorry for Egypt Today!!
But Wallahee I still have hope .. cos there is people like you Noora!
Comment by Dania — 2008/10/05 @ 23:01
حالة الشاويش المسكين هي المؤلمة…يعني ماذا دولة القانون و المؤسسات مادام الضحية مستعد للتنازل مقابل بعض القروش؟؟؟؟؟
Comment by alhallege — 2008/10/06 @ 23:48
اذا كانت قيمة الحياة لماجد نفسه
حياته هو شخصيا
ملهاش معني ليه هو شخصيا يا نورا
الفلوس تعيش
بس طلب الحق يموت
علي أد أسفي علي ما حدث
علي أد فهمي ليه
قلتلكم البلد دي عاوزة ديكتاتور …”صالح” يظبطها الاول من فوق وتحت
وبعدين يبقي فيه كلام تاني
والله اعلم
Comment by ابن عبد العزيز — 2008/10/08 @ 12:00
والشويس كمان بيعمل اسود من الى بيعمله سائقى الدايو والرينو مع الى اقل منه ومش الشويش بس ده حتى العسكرى البصمجى يوم مابينزل حى فقير بيجيب عليه وطيه ياعنى الى حصل مع الشويش كان تخليص حق من عند ربنا عمر ماكانوا رجال الشرطه ضحايا بخصوص الناس الى سبيت الداخليه تقريبا بقى وضع عادى بيحصل كل ثانيه مع اختلاف الشخصيات مأساه فعلا البلد بيعملوها كانها ورث او عزبه ليهم قاعدين ينتهكوا فيها زى ماهما عاوزين ده حتى الراجل الغلبان الى اضرب بالعربيه نموذج بجد على التخاذل وانه مش فكر حتى يسأل عن حقه تقريبا وصل للمرحله انه اتأكد انه لو فكر يطالب بحقه مش هيحصله غير مزيد من المشاكل وهو راجل بيدور على لقمه عيشه وخلاص المشكله مش بقيت مشكله نظام بس كمان بقيت فى الناس الى بتبيع حقوقها هما المصدر الى بيستمد من سائقى الدايو والرينو قوتهم بجد فعلا موضوع قاسى جدا والحمد الله ان الناس مشغوله بلقمه العيش لو فكر الى اضرب ده وتمعن شويه فى الى حصله هيموت من الالم النفسى
Comment by Never Tell — 2008/10/18 @ 21:01